مقدمة
الحمدلله ، ثم الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبعد:
وفق تكليفنا بكتابة تقرير عن أحد متاحف قطر. قمنا بزيارة لمتحف
*المتحف العربي للفن الحديث , والذي يقع في المدينة التعليمية في
حرم مؤسسة قطر. يوجد المتحف في مبنى مدرسة سابقة
تم ترميمها حيث تشغل صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر المسند منصب رئيس
مجلس إدارة مؤسسة قطر ، حيث أن متحف العربي للفن الحديث هو جزء من متاحف قطر التي
ترأس مجلس أمنائها سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني .
يضم هذا المتحف العديد من المعارض لآلاف من اللوحات الفنية التي
تجسد الإبداع والتميز في ألوانها سواء
كانت بالأبيض والأسود، وهذا يعني الكثير من الفن كونها خالية من الألوان الحياتية،
أو ملونة تعكس لنا بهجة وخيال راسمها في كل
زاوية من زواياها ، هذا إلى جانب البرامج التعليمية الواسعة التي سيتم ذكرها
لاحقاً في قسم الأنشطة والفعاليات، وقد كان اختيارنا لهذا المتحف رغبة بالتعرف على
موقع تاريخي جديد لم يُشتهر بعد. وهنا يأتي دور تقريرنا في كشف ما يحتويه وما
يتحدث عنه من فن معاصر ومبدع يجعل من المتحف مركزا للحوار والبحث ومصدراً لرعاة
الإبداع.
موقع المتحف وسنة التأسيس
كان المتحف العربي للفن الحديث حلم ابتدأ عام
2003م وما لبث أن تحول لواقع، إذ تم افتتاحه في يوم الخميس 30 كانون الأول/ديسمبر
2010 في إطار الاحتفالات بالدوحة كعاصمة للثقافة العربية، ويعد محصلة جهود طويلة
استمرت إلى ما يزيد عن عقدين من المثابرة والاجتهاد التي قام بها سعادة الشيخ/ حسن
بن محمد آل ثاني ( نائب رئيس هيئة قطر للمتاحف) من جمع وامتلاك لمجموعة أصلية يمتد
تاريخها من نهايات القرن التاسع عشر وحتى وقتنا الحالي، وتتكون من أكثر من 9
الآلاف قطعة من مصادر مختلفة من العالم العربي والتركي إضافة إلى إيران وشمال إفريقيا،
فقام بجمعها بشغف وحماس لميله المعروف لجانب الفن وتاريخه مما دفعه للالتحاق بذلك
المجال في جامعة قطر التي مهدت له الطريق للتعرف وإقامة العلاقات مع فنانين
المنطقة كما أكسبته القدرة على فهم وتحليل الفن المعاصر فأشرف مع رئيس هيئة قطر
للمتاحف الشيخة/ المياسة بنت حمد آل ثاني إضافة إلى آخرين على هذا المشروع، وقاموا
بتكليف المعماري الفرنسي جان فرنسوا بودين الذي قام بتصميمه في موقع مميز، وأصبح
من السهل الوصول إليه خصوصاً مع افتتاح محطة مترو الدوحة بالقرب منه، حيث قام
المصمم بتحويل مبنى مدرسة سابقة في
المدينة التعليمية -والتي تقع بالضاحية الغربية لمدينة الدوحة- إلى درة معمارية لا
مثيل لها تجمع بين أصالة القديم ورقي الحديث
يكسو المبنى اللون الأبيض
على مساحة تقدر18,000 متر مربع، وبها العديد من صالات العرض
والمرافق التعليمية إضافة إلى مقهى كبير، ويعتبر هذا الموقع مؤقتا على الرغم من
الإبداع والتميز الذي صمم به.
الأجزاء الرئيسية والطوابق:
يتكون المتحف من قسمين رئيسين هما: المجموعة الدائمة والمجموعة
المؤقتة، ويركز المتحف من خلالهما على تقديم مجموعته من
الأعمال الدائمة، بالإضافة إلى تنظيم معارض كبيرة تتمحور حول أعمال منفذة حديثاً، ويوجد عدة معارض في المتحف منها:
قاعة المرأة في المجتمع:
تحتوي المجموعة الدائمة على أعمال بارزة تُظهر بداية الحداثة المتعددة
في سياق البلدان المستقلة حديثاً، وتم اختيار رمز المرأة الذي يغلب في هذه القاعة على
المعرض باعتباره رمزاً للحرية في المجتمعات الشابة التي تتجه نحو استقلال ذات
فاعلية ومساهمة أكثر في تطوير المجتمع.
قاعة تقدم صور لمجتمعات متغيرة شاهدة وقارئة للتاريخ:
تروي أعمال هذه القاعة آراء الفنانين التاريخية عن المجتمع والأزمنة
المعاصرة، وتصور لحظات بارزة في التقدم الصناعي والسياسي والثقافي بالإضافة الى
توثيق العلاقات العائلية.
قاعة خاصة بمصطلحات جديدة في مراحل ما بعد الاستقلال:
تقدم هذه القاعة أعمالاً تجريبية في تجريد النص العربي كعنصر متكامل
في الفن، وابتكار لغات بصرية جديدة في البلدان المستقلة حديثاً مثل شمال أفريقيا
والشرق الأوسط، كما يواصل الفنانون المعاصرون استكشاف صياغات أخرى للغات بصرية
موجودة إلى يومنا هذا.
قاعة خاصة بالرياضيات والفسيفساء والنظم العالمية الإدراكية:
تجمع هذه القاعة أعمالاً تاريخية ومعاصرة التي يقوم بها الفنانون بشكل
نظامي في استكشاف حجم وكثافة المساحة من خلال الرسم والنحت تعبيراً عن شدة صعوبة
الحياة وإيجاد سبل إنشاء النظم في العالم.
قاعة خاصة بإعادة اختراع المواد:
تجمع هذه القاعة أعمال الفنانين ذوي لغة بصرية أصلية،
باستخدام المواد الموجودة في السياق المحلي للإفصاح عن معناها وصلتها بالمجتمع
كنقطة بداية حين يتم التلاعب بحركات فنية راسخة مثل التركيب وفن الأرض
بداية إن المتحف كان من مجموعة اقتناها الشيخ حسن بن محمد بن علي آل ثاني حيث مثلت تلك اللوحات الفن وميول الفنانين وواقع الزمن الذي عاصروه. ويعتبر متحف الفن العربي نقطة البداية للفنانين في قطر والعالم العربي لأنه يشكل دعماً لهم، وأيضا إظهار الفن للناس بأفضل طريقة حيث يحتوي المتحف على لوحات مختلفة من بينها معاصرة وأخرى تاريخية، ومن أشهر هذه اللوحات:
بغداديات للفنان جواد سليم،
النيل للفنان محمود مختار.
وللمتحف أقسام
عدة ضم كل قسم منها مجموعة من اللوحات، كالتالي:
v
الرياضيات والفسيفساء والنظم العالمية الإدراكية: يحتوي هذا
القسم على لوحات يقوم بها الفنانين لكشف الحجم وكثافة المساحة بالرسم والنحت
v
إعادة اختراع المواد: في هذا القسم
استخدمت المواد البسيطة والمتوفرة في السوق، وجمعت لتشكل أعمال فنية مبهرة ذات لغة
بصرية أصلية لتصف صلتها بالمجتمع القطري والأدوات التي كانت تُستعمل في تلك
الفترات لتبين لنا جمالها.
v المرأة
في المجتمع: ومن أهم اللوحات في هذا القسم والمتحف
بشكل عام (بغداديات)
للفنان جواد
سليم (١٩١٩ انقره -١٩٦١ بغداد) ويبين هذا القسم دور المرأة المهم في المجتمع
العربي، حيث كانت تمثل في اللوحات أيقونة لأساس المنزل واعتماد الاسرة عليها وأيضا،
تحدثت عن نهضة المرأة في فترة من الفترات وتطورها بشكل ملحوظ.
v
مصطلحات جديده في مرحلة ما بعد الاستقلال:
يقدم هذا القسم
أعمالا تجرد النص العربي كعنصر متكامل للفن، وباعتباره لغة بصرية جديدة
تعبر عن جمال
اللغة العربية، والتراث العريق للمجتمع العربي كافة وهو من الفنون المشهورة عند
العرب.
(إحدى
أعمال الفنان إل أناتسوي)
v
ويحتوي المتحف على أعمال تصف كيفية تطور حياة الإنسان
والحضارة الإنسانية من صنع الفنانين، أهمهم: محمود مختار، حافظ دروبي، جواد سليم.
v
من الأعمال أيضا التي تصف المجتمع من جميع نواحيه
للفنانين: الشعيبية طلال، أيجي أفلاطون، فائق حسن.
v
الرموز التراثية والحروف العربية لفنانين: أحمد
الشرقاوي، شوقي شوكني
v
أعمال فنية لشعراء وهي من الشواهد على تغير التاريخ.
الأنشطة والفعاليات التي يقدمها المتحف:
يضم المتحف العديد من الفعاليات
والأنشطة التي تمكن زواره من التعرف على التاريخ العريق للمعروضات الموجودة فيه،
حيث تعمل إدارة المتحف على إقامة أنشطة متنوعة تشمل جميع الفئات العمرية في
المجتمع، لتجعل من زيارته زيارة غنية بالمعلومات التاريخية الثقافية، بحيث ترسخ
المعلومات في عقل الزائر دون أن يشعر بالملل أو التكلف.
يضم المتحف ضمن فعالياته العديد من
الأمسيات والمحاضرات إلى جانب الورشات المتنوعة واستقبال الضيوف كالمحاضر إسماعيل
عزام، ومن أهم هذه المحاضرات: "روح الأماكن والإضاءات" حيث قدمها عبد
الله كروم مدير المتحف، وناقش فيها التهامي النادري مجال عمله وتجربته كمصور لأكثر
من أربعين عام، وتكلم فيها التهامي عن أصوله وانتمائه إلى أماكن ومجتمعات بعينها، أما
بالنسبة للأمسيات فقد كان في تاريخ 2020/1/29 ( أمسية الجامعات في متحف ) المخصصة
لطلاب الجامعات، حيث ضمت الأمسية جولة في المعرض إلى جانب عروض الأفلام والألعاب
جوائز وطعام وموسيقى، وخصصت إدارة المتحف فعاليات متعلقة بالأطفال أيضاً كوقت
الحكاية، حيث تروى حكايات للأطفال لجذبهم لتعلم التاريخ وللتعرف على معلومات قيمة
ومسلية في ذات الوقت. أما بالنسبة للمؤتمرات فقد أقيم المؤتمر السنوي 2019 حيث
شارك فيه معهد الدوحة للدراسات العليا وتحدث المؤتمر حول التواريخ ومآلات المدارس
الفنية، وشمل البرنامج العديد من مداخلات الباحثين والعاملين في مجال الفن من دول
مختلفة. تضمنت قائمة المتحف العديد من الفعاليات والأنشطة حيث تشمل المزيد والمزيد
من الأنشطة التي لا يسعنا ذكرها هنا، ولم نوفيها حقها حيث اقتصرنا على أبرزها
وأهمها. وفي النهاية ساهمت هذه الأنشطة والفعاليات في إقبال جميع أفراد المجتمع
إليها كالمدارس (كأكاديمية قطر) والجامعات (خاصة الدراسات الإسلامية) والأفراد
عامة وساعدت في نشر الوعي الثقافي وأهمية المتاحف ومركزها.
السلبيات والإيجابيات:
*يتمتع متحف الفن
العربي بخدمات متنوعة تعطيه العديد من الإيجابيات ومن أهمها:
1. وجود مكان للاستراحة والجلوس للزوار
مع وجود كوفي مميز، بالإضافة إلى وجود محل يتم فيه بيع بعض المستلزمات والكتب
التاريخية والتعليمية، والأكواب التي على شكل تراثي وحضاري مميز.
2. وجود لوحات إرشادية للأقسام توضح
محتويات هذه الأقسام وتبين خريطتها للزوار، حيث أن هذه اللوحات باللغتين العربية والانجليزية،
بالإضافة إلى وجود لوحات بجانب كل معروضة تعرف بصاحبها وبعض المعلومات عنها.
3. تسجيل بيانات الزوار قبل الدخول
إلى المتحف من قبل موظفي الاستقبال وتزويدهم ببعض المعلومات المتعلقة بالمتحف كالأقسام
وهي: القسم الدائم والقسم المؤقت الذي يتغير كل أربعة أشهر.
*وأما على الصعيد
الآخر فهناك بعض السلبيات التي واجهتنا خلال زيارتنا للمتحف كان من أهمها:
1.الإضاءة الخافتة التي قد تظلم
بعض اللوحات فهناك العديد من اللوحات المميزة ولكن قلة الإضاءة حجبت جماليتها ورونقها.
2. قلة الموظفين الموجودين في
المتحف وإن وجدوا كانوا ممن يتكلمون
باللغة الإنكليزية فقط.
3. الشكل الخارجي للمتحف لا يوحي
بأنه متحف وغير ذلك لم يكن مرتب ومنظم خارجياً.
عدم وجود سور يمنع الزائر من
لمس اللوحة حفاظاً عليها من التلف. 4.
مقترحات التطوير:
1.تحسين طاقم العمل
وتكثيفه مع جعلهم يتقنون اللغتين العربية والإنكليزية
2.إلغاء رسوم الدفع
للزائرين في قطر لكي يكون هناك إقبال أكثر.
3.صيانة الإضاءات
وجعلها أكثر إشعاع لكي تبرز جمال اللوحات.
4. وضع كتيبات أو
مطويات وخريطة ترسم ممرات المتحف وكل قسم وموقعه لتجنب كثرة الأسئلة.
5.تنظيم وترتيب
التصميم الخارجي للمتحف الذي يستمد الزائر الحماس منه لرؤية المتحف.
الفائدة:
لقد اطلعنا من خلال هذه الجولة على العديد من التحف الأثرية، وشاهدنا
إبداع الفنانين منذ القدم وكيفية تطور هذا الإبداع عبر الزمن، فقد أثرت الجولة
معلوماتنا التاريخية وأبرزت لنا ما تحويه قطر من آثار عريقة تعود إلى الزمن الماضي
وأهم ما تم الاستفادة منه:
- التعرف على فنانين جدد وسير حياتهم.
- معلومات تاريخية متنوعة من خلال الفعاليات (الأنشطة لتعليمية لطلاب
الجامعات والمدارس والأمسيات المتعددة).
_المحتويات واللوحات المميزة والأنشطة المتنوعة تُكسب الزائر حسا
وطنيا تجعله يُعجب ويهتم لا إراديا بتاريخ هذه الدولة.
بعض الصور للمتحف:
الخاتمة:
من خلال ما تم ذكره فيما سبق، تبين أن هذا المتحف يحتوي على كم هائل
من الآثار الثمينة، التي تجعل الفن جزءا لا يخفى من تاريخ قطر، وهذا يعني إضاءة
جانب لم نعتد على السماع به أو حتى معرفته.
كانت هذه الزيارة ممتعة جدا لما أضافته من ثراء معلوماتي وغنى حضاري يُفتخر
به. فقد حثتنا على مواصلة البحث في هذا الجانب الفني الذي لا يحفل به الكثيرون.
من هنا نود أن ننصح الباحثين بتسليط الضوء أكثر على هذا النوع من
التاريخ الذي يختص بالفن البصري،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ♥.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق